-->

بسم الله والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين

اخر المواضيع

إصلاح الخطأ في الأحكام العقارية



dourouby.tn

اصلاح الخطأ في الأحكام العقارية






إصلاح الخطأ  في الأحكام العقارية

dourouby.tn

 


مقدمة :


إن نظام التسجيل و التحيين العقاري يفترض استقرار الملكية بيد المحكوم لفائدته و ذلك بإدراج اسمه بالسجل العقاري و هو الهدف من أحكام المحكمة العقارية التي تستوجب وضوح الملكية من خلال وضوح بيانات الرسم دون حاجة لللجوء الى الصكوك و العقود المثبتة للحق .

وتصدر أحكام المحكمة العقارية بتركيبة ثلاثية سواء تعلق الأمر بأحكام التسجيل أو التحيين ذلك أن هنالك خصوصية بالنسبة لأحكام التسجيل الإجباري التي قد تصدر بعض أحكامه بتركيبة فردية إذا كان مطلب التسجيل مكتمل الأبحاث عن طريق رئيس لجنة المسح الإجباري و كذلك الأمر بالنسبة لأحكام قاضي السجل العقاري في مادة التحيين و كل ذلك يندرج في نطاق الإشهار العيني و هو مجموعة الدفاتر الرسمية العينية المقامة تنفيذا لقرار أو حكم التسجيل و المعتمدة في إشهار الحقوق المتعلقة بالعقار .

فالتسجيل الأول هو الاذن بإقامة هذه السجلات و الإدراج فيها لاحقا يقال له ترسيم و معالجة عوارض الترسيمات تقال لها تحيين أو تخليص .

و ككل عمل انساني فان الحكم الصادر عن الجهة القضائية المختصة لا يخل أن يكون مشوبا بخطأ مسرب إليه و هذه الأخطاء يمكن أن تبرز في جميع مراحله سواء كان ذلك على مستوى التسجيل أو الترسيم و هو ما من شأنه أن يعيق التعامل على العقار أما اصطلاحا فان المشرع في أغلب التشريعات لم يقم بتعريف الخطأ بنص محدد بل ترك تعريف الخطأ تعريفا جامعا و هو ما جعل من هذا المصطلح يتحمل الكثير من النعوت .

  • إن التطرق الى الخطأ في أحكام المحكمة العقارية يقتضي بداية الوقوف على مفهوم الخطأ العقاري و اجراءات إصلاحه ( في جزء أول ) و دراسة آثار إصلاحه (في جزء ثاني ) .



الجزء الأول : مفهوم الخطأ العقاري وإجراءات إصلاحه


يفترض نظام الإشهار العقاري أن يكون للعقار كيان مستقل تكون هويته محددة و مشخصة بأن تخصص له صحيفة في السجل العقاري تهدف الى إشهار المعاملات على السجل و تصفية و تنظيم الملكية و تبسيط المعاملات المرتبطة بها و تيسير الاستغلال العقاري و حماية الغير الذي يرغب في الحصول على حقوق عينية على العقار .

و حتى يضمن السجل العقاري مصداقية يجب التعامل عليه بكل دقة لكي لا يتسرب أي خطأ كان على بياناته.

و هذا ما يستوجب منا الوقوف على مفهوم الخطأ العقاري ( مبحث أول ) حتى نتوصل الى اجراءات إصلاحه ( مبحث ثاني ) .

  • المبحث الأول : مفهوم الخطأ العقاري

للإلمام بمفهوم الخطأ يجب التطرق أولا الى الغلطات المتداولة في الأحكام العقارية.

الغلاطات المتداولة في الأحكام العقارية

ضمن الفصل 25 من القانون ( عــ 34 ــدد لسنة 2001 ) القانون المتعلق بتحيين الرسوم العقارية المؤرخ في 10 أفريل 2001 وقع تعويض كلمة " غلطات " بــ " أخطاء " أما كلمة غلطات فقد ورد استعمالها بالفصل 332 مكرر من م ح ع بخصوص إصلاح الغلطات المادية الحاصلة في حكم التسجيل و هي نفس العبارة الواردة بالفصل 254 من م م م ت .

و الحديث عن إصلاح كذلك الغلطات التي يمكن أن تتضمنها الأحكام الصادرة عن المحكمة العقارية يقتضي بداية الوقوف على تحديد أنواع الغلطات المتداولة و التي أفرزتها التطبيقات القضائية و يمكن تصنيف الأخطاء التي تهم بيانات العقار (1) و غلطات تخص المثال الهندسي (2) .

dourouby.tn

 

  1. غلطات تخص بيانات العقار :

من بين الغلطات التي تخص بيانات العقار تلك التي تتعلق بالغلط في الحالة المدنية لمالك العقار (أ) أو الغلطات المتعلقة بالحساب أو الأرقام (ب) و الغلطات في بيانات العقار (ت) .

  1. الغلطات المتعلقة بالحالة المدنية لملك العقار أو الشريك في الملك :

هذا النوع من الأخطاء هو الشائع في الأحكام الصادرة عن المحكمة العقارية سواء كانت متعلقة بالتسجيل بنوعيه الإجباري و الاختياري و أحكام التحيين و يتمثل هذا الخطأ بالتنصيص في نص الحكم خطأ على اسم الطالب أو المحكوم لفائدة أو سلسلته النسبية أو عدم التنصيص على جنسية صلب حكم التسجيل في هذه الحالة جرى العمل بإدارة الملكية العقارية على الاجتهاد قليلا فإذا تم التنصيص على الجنسيات في حيثيات الحكم عندها لا يقع رفض الترسيم و إن لم يقع التنصيص يتم رفض المطلب و إحالته للمحكمة لإصلاح الخطأ .

و يشمل الخطأ أيضا تاريخ ولادة طالب الحكم بالتسجيل و هي من المرتكزات الأساسية التي تثبت هوية المالك أو الشريك في الملك و التي يستند عليها المحقق بدرجة أولى على قبول مطلب الترسيم أو رفض في جميع العمليات العقارية باستثناء التنصيص على تاريخ ولادة الشريك في الملك بصفة غير دقيقة أي ذكر السنة فقط أو يقع التنصيص بالحكم الإجباري على أن يكون الشريك في الملك مولود حوالي سنة و في هذه الحالة يمكن قبول مطلب الترسيم بشرط إن لا يتعدى الفارق في السنوات بين الكتب المقدم للترسيم و الرسم العقاري العشر سنوات في أقصى تقدير .

1                                     

ب) الغلطات المتعلقة بالحسابات و الأرقام :

هذا النوع من الغلطات من الأغلاط الدارجة في الأحكام القضائية عموما و في الأحكام العقارية بوجه خاص و ذلك باعتبار طبيعة الحكم العقاري الذي ينص على قائمة من المالكين مما يتجه معه تحديد فريضة جامعة أو تسجيل قطعة محددة قد يمر خطأ في ذكر عددها أو مساحتها بالأمتار .

و هذه الأغلاط عادة ما تكون قابلة للتفطن إليها سواء عند تنفيذ الحكم من طرف إدارة الملكية العقارية أو تلقائيا من المحكمة أو من أحد المحكوم لصالحهم و يشمل هذا الخطأ أحكام التسجيل و التحيين ككل .

كما يمكن أن ينشأ الغلط في ذكر عدد الرسم العقاري الواجب الاذن فيه بالترسيم خاصة إذا أذنت المحكمة صلب أحكام التحيين بالتشطيب على مطلب تحيين برسم عقاري مغاير للرسم العقاري المدرج به مطلب التحيين كما نشير الى أنه تم التنصيص صلب الفصل 26 من القانون ( عــ 34 ــدد لسنة 2001 ) على مختلف الحالات الموجبة للإصلاح و بالإضافة الى الأخطاء التي تم ذكرها أعلاه هناك بعض العمليات التي يتغافل عليها القاضي عند إصداره لأحكام التحيين مثل عدم التنصيص صلب نص الحكم أو حيثياته على نقل ترسيم رهن عقاري أو شرط سقوط الحق أو امتياز تام للخزينة العامة في خصوص الرسوم المأمور بإحداثها بمقتضى حكم التحيين في هذه الحالة يمكن للمحقق أن يجتهد و يقوم بنفسه من نقل تلك العمليات .

ت) الغلطات المتعلقة ببيانات العقار :

لقد فرض المشرع صلب الفصل ( 319 من م ح ع المتعلق بالطعن بالتعقيب في أحكام التسجيل العقاري ) على طالب التسجيل الاختياري زيادة على تقديمه لبياناته الشخصية تضمين المطلب بكل البيانات القانونية المتعلقة بالعقار كالاسم المعرف به و الاسم الذي سيسجل به موقعه و الى أي مشيخة ينتمي أو ولاية وغيرها من التنصيصات التي يجب على طالب التسجيل التنصيص عليها و بكل دقة و بدون سهو أو خطأ .

  1. غلطات تخص المثال الهندسي :

هذه الغلطات تتعلق عادة بمتممات الحكم العقاري باعتبار أن الترسيم أو التسجيل عادة ما يتعلق بقطعة محددة قانونا من قبل ديوان قيس الأراضي و المسح العقاري الذي أوكلت إليه مهمة إعداد الأمثلة الهندسية المتعلقة بالتسجيل بنوعيه و التحيين .

  • و لقد عرف الأستاذ الحبيب الشطي أن المثال الهندسي هي صورة للعقل مبين بها القطعة أو

القطع المكونة له و عدد كل واحدة منها و مساحتها بالهكتار و الآر و الصنتيآر و علامات تحديدها مرقمة و السلم المعتمد في اتجاه الشمالي للعقار و عدد مطلب تسجيله و تقسيمه عند الاقتضاء و عادة ما يكون المثال الهندسي مرجع للمصادقة لتحديد الملك إلا أن الواقع و التطبيق يبرز غير ذلك فهو أولا و أخيرا عملا بشريا تتسرب فيه الأغلاط المادية خلال إقامته.

  1. الخطأ في التحجير :

هي العملية التي نص عليها صراحة الفصل 323 من م ح ع بالنسبة لإجراءات التسجيل الاختياري و الذي يتم تضمينه بمحضر تحديد وقتي و يسمى " محضر تحديد " أي ما تم إجراءه من طرف المهندس و تبعا لهذا المحضر يقع إقامة المثال الوقتي للتحديد و على اثر ذلك يقع إعلان ختم عمليات التحديد بالرائد الرسمي و توجيه نسخة منه الى قاضي الناحية و المعتمد المكلفين بالإشهار لفتح آجال التداخل و المعارفات إن وجدت .

و الغلط في المثال الهندسي يقع التفطن إليه بمناسبة نزاع بين مالكين متجاوزين أو عدم التطابق بين مساحة القطعة المنصوص عليها بمثال الرسم الأم الأصلي أو الملك المعتمد للترسيم و المساحة المنصوص عليها أسفل المثال الهندسي

.                     

ب) غلط في محضر التحديد :

لا يمكن إقامة الأمثلة الهندسية سواء كانت وقتية أو نهائية وسواء تعلق الأمر بالتسجيل الاختياري أو الإجباري إلا عبر القيام بأعمال تحضيرية و فنية و تقنية لابد منها مجسمة في محاضر التحديد " PREVET DE BORNAGE " و القيام بعمليات الرفع و هي جزء لا يتجزأ من هذه الأمثلة باعتبارها ترفع الى المحكمة و تضمن في ملف القضية الذي يحال مع حكم التسجيل فيما بعد الى مدير الملكية العقارية و ذلك حسب منطوق الفصل 251 م ح ع .

  • و الملاحظ في هذا السياق أن المشرع لم يتعرض الى الغلط المادي المتعلق بمحضر التحديد

لكن يمكن القول بأن هذه المحاضر ليست مستقلة بل في جزء من الأصل و هو المثال الهندسي و تابعة له و هو معرف أيضا للخطأ . كما يمكن أن يطال الغلط المادي أيضا محضر التحديد التكميلي و هو عملية تأتي لتنفيذ حكم تحضيري صادر عن المحكمة العقارية بتغيير الحالة المادية و القانونية للملكية العقارية التي كانت محل تحجير وقتي .

و بالتالي في نطاق تحديد مفهوم الخطأ العقاري من خلال التعرض سابقا للأخطاء المتداولة صلب الأحكام العقارية .


  • المبحث الثاني : اجراءات إصلاح الخطأ العقاري


يفترض الإصلاح و جود أخطاء مادية مما يؤدي الى ضرورة إصلاحها و تعديل الرسم أو الترسيمات .

ووعيا بالمشرع بأهمية الإصلاح فقد نظم اجراءات تقديم مطلب الإصلاح (فقرة أولى) الى جانب تنظيمه لاجراءات سير دعوى الاصلاح ( فقرة ثانية ) .

ان الحكم العقاري باعتباره يصدر عن هيئة قضائية ثلاثية في مادتي التسجيل و التحيين و اعتبارا الى أن حكم الاصلاح متمم للحكم الاصلي و يتعلق فقط باصلاح الغلطات المادية فانه يطرح بطبيعته تلك الاشكالات في خصوص تقديمه .

تقديم مطلب الاصلاح :

طالما أن الفصلان 332 مكرر م ح ع و الفصل 26 من القانون عدد 34 لسنة 2001 هماالأساسان القانونيان المنظمان لمطالب الاصلاح في المادة العقارية .

فيما يتعلق بالجهة طالبة الاصلاح نص الفصل 26 من القانون عدد 34 لسنة 2001 المتعلق بتحيين الرسوم المجمدة على أن هاته الأخيرة أو قاضي سجل العقاري كل في حدود اختصاصه ينظرون دون أجل طلقائيا أو بطلب من ادارة الملكية العقارية في اصلاح الغلطات المادية .

اجراءات سير دعوى الاصلاح :

و بالرجوع الى خصوصية الحكم العقاري من اجراءات تحقيقات و أبحاث عينية و مكتبية يستوجبها لصدوره اضافة الى تنفيذه بصفة ادارية دون اطلاع الأطراف عليه أغلب الأحيان و ذلك بعد اعلامهم بالتسجيل أو الترسيم تجعل باب الاصلاح مفتوحا .بصفة تلقائية حيث تتفطن المحكمة بغلط بنص الحكم أو حيثياته أثناء مباشرة مراقبتها للرقن بعد التصريح بالحكم أو عند مباشرة تنفيذه خصوصا اذا كان الغلط يؤثر على ماهية الحكم أو قد يعطل تنفيذه لدى ادارة الملكية العقارية

                                       

بطلب من ادارة الملكية العقارية هذا الطلب يختلف سواء تعلق الأمر بأحكام التسجيل أو التحيين

  • في أحكام التسجيل تكون عادة أثناء ورود الحكم العقاري و مراقبته و دراسته من طرف المحققين و التي عند دراستها و رفضها يجب تقديم أسباب معللة و مبينة لأسباب تعذر الترسيم و بيان أوجه تجاوزها من طرف ال حكمة

  • في أحكام التحيين و هي صورة عادة ما تكون لاحقة لتنفيذ الحكم و التفطن اللاحق بغلط شاب الحكم أو بمناسبة مراسلة من ديوان قيس الأراضي و المسح العقاري حين تفطنه الى أنه امد ال حكمة بمثال خاطئ

  • بطلب من المعنيين أي المعني بالأمر و ذلك حسب ان كانوا أشخاص طبيعيين أو معنويين أطراف القضية من طالب بالتسجيل أو التحيين أو مقترض أو متداخل و كل شخص يتعلق بالرسم العقاري يتسلط بغلط مادي على هويته أو نسبة استحقاقه

  • على أن اشكالا قانونيا آخر قد يطرح في اطار مطالب الاصلاح و هو هل أن انابة ال حامي وجوبية بمطلب الاصلاح

و قد أكد المشرع على أن انابة المحامي وجوبية عند تقديم مطلب التسجيل طبقا لأحكام الفصل 319 م ح ع و في مادة التحيين كذلك غير أن هذا الشرط غير ضروري في خصوص اصلاح أحكام التسجيل و التحيين

كما أن دعوى الاصلاح غير مرتبطة بآجال معينة فيمكن القيام بها في أي وقت و ذلك حسب الضرورة التي تمليها مصلحة القائم بالاصلاح كذلك أن تكون دعوى الاصلاح لا يتصل بها القضاء حيث أن رفض مطلب الصلاح لا يمنع الطالب من اعادة نشر قضية في الغرض .

  • لكن الاشكال المطروح قد يتعلق بالأساس في الجزاء عند عدم الاعلام بوجود مطلب اصلاح منشور لدى المحكمة العقارية و تعامل الغير على الرسم العقاري الذي احتوى تنفيذ لحكم تحيين أو تسجيل يكون محتويا على أخطاء

  • لم يرتب المشرع التونسي أي جزاء في صورة عدم الاعلام و هو ما يطرح الاشكال حول الجهة التي تتحمل مسؤولية ذلك هل هي الادارة أو ال حكمة ؟؟؟؟


dourouby.tn

 



الخاتمة



إن أهمية اصلاح الخطأ هو تحديدي نطاقه تظهر عند ملامسة الآثار المترتبة عليه خاصة اذا مست الحالة الاستحقاقية و انقلب الاصلاح المادي للخطأ الى اصلاح يمس من أصل الحق و جوهره و يزداد الأمر اشكالا و تعقدا كلما تدخل الغير حسن النية و المتعامل على أساس أن الترسيمات الواردة بالسجل العقاري و المفترض أن تكون صحيحة و ثابتة ولا يشوبها أي غلط و هذا ما حدى بالمشرع الى حمايته بمقتضى القانون .

و ان فقدان التعريف و المفهوم التشريعي للغلط المادي بالنواقص و الفراغ خاصة على مستوى مطلب الاصلاح و طرق الطعن فيه .

كما أن المشرع لم ينص على اجراءات الاعلام بقرارات الاصلاح سواء أن كانت ايجابية أو سلبية و لم يقييد تقديم المطلب بآجال مسقطة للقيام بالدعوى و ذلك على عكس بعض القوانين الأخرى .

لذا نرجو من المشرع تدارك هذه النواقص و القيام بتنقيح الفصل 332 مكرر م ح ع و الفصل 26 من القانون عدد 34 لسنة2001 و اضافة آلية تتمثل في تقييد مطلب الاصلاح تقييدا احتياطيا لما لها أهمية خاصة للغير حسن النية.

                     

dourouby.tn

ليست هناك تعليقات

-- --